شملان بن أحمد بن عبداللطيف البحر (1911-1967م)




هو شملان بن أحمد بن عبداللطيف بن موسى بن أحمد البحر، كنيته "أبو أحمد"، وُلِدَ عام 1911م (1329هـ) في الكويت في فريج السبت في منطقة القبلة (جبلة) والتي تمثل الحي الغربي من مدينة الكويت. توفي أبوه أحمد وهو ما بين السادسة والثامنة من عمره تقريباً. كان شملان البحر رجلًا  عصامياً اعتمد على نفسه منذ الصغر، فقد دخل الغوص في صغره، ثم بدأ رحلته مع التجارة وهو بعمر دون العشرين عاماً. اشتهر شملان بتجارة الأقمشة حيث كان محله الأول في قيصرية فهد السالم، ثم اشترى دكانه في السوق الأبيض عندما أنشئ هذا السوق في عام 1947م (1366هـ). وقد فتح الله له من هذه التجارة باب رزق واسع حتى أنه اشتهر بها وأصبح من كبار تجار الأقمشة المعروفين في الكويت. تميز بأنه كان يستورد الأقمشة من أقصى آسيا وأوروبا إلى ميناء الكويت، بمراسلات التلكس المباشرة مع مصانع الأقمشة في اليابان وانجلترا وسويسرا، وكان عنده في المحل عاملًا  هندياً يجيد اللغة الانجليزية ومتخصص في مراسلة المصانع في تلك الدول. ولم يكن المَوْرِد المالي الرئيسي الذي كان يجنيه شملان يأتي من بيع الأقمشة على الأفراد في دكانه في السوق الأبيض، بل كان في بيعه بالجملة على محلات السوق وعلى بائعي الأقمشة الذين يزودون محلات الأقمشة والخياطين بطلباتهم، وكانت أقمشته تُشتَرى أيضاً من الدول المجاورة كالسعودية والعراق.

كان رحمه الله يأتمن الناس ويحسن الظن بهم، فكثيراً ما كان يُقرض الناس بالسر دون كتابة الدَيْن، و يترك للمعسر من الناس ولمن لا يملك سعر القماش أن يأخذ ما يريد من قماش ويرد إليه المبلغ إن تيسر حاله. وكان يتزاحم على محله الخياطون من مختلف مناطق الكويت للشراء منه حتى أنه كان يعطيهم ما يحتاجون من أقمشة دون أخذ أي مقابل مادي على أن يدفعوا قيمة ما أخذوه من أقمشة إن هم باعوا منها، و يُروَى عن أهل بيته أنه كثيراً ما كان يُطرَق باب بيته بعد وفاته من أناس يردون أموالًا  اقترضوها منه أو حتى من بائعي الأقمشة من المهارة والخياطين يسلمون قيمة ما أخذوه من أقمشته التي باعوها ولم يدفعوا قيمتها حين أخذوها منه.

والنص الآتي أبيات من الشعر كتبها شاعر الكويت الشعبي فهد بورسلي عن شملان البحر رحمهما الله :

بالفخـر بشـرى لكـم بـهل النــظر                  تـجدون أنـواعـكم في كـل عام

سوق الأبيض نور ونوار وسـفر                 نـجتهد لــه بالتمنـي واحـــتـرام

دام شـارعـنـا الجــديــد ولا عـثـر                خاطــر للمشــتري دوم الـــدوام

بــه حـفـيـنـن مـــا يـزيـد بالسـعـر                 كلمــا تـبغى على كـيف المــرام

صـاحبي معـروف شمـلان البـــحر                مخزنـن بـاهر على آخــــر نـظام

ينصحك شمـلان الأحمد مـا يــضر                جربـه وتـشوف يـا نـسل الكـرام

 حاويـن غـير الخطــر أبيـض حمر                كــل لونـن تشـتـهي ياخـذ ســلام 

من شـرى من كل طيـب مـا خسر                 جــربـوا وتـشـكـرونه كــل عــام


ولم تقتصر تجارة شملان البحر في مجال الأقمشة التي برع بها، فقد اشتغل أيضاً في مجال العقارات، فكان يشتري البيوت ويؤجرها أو يبيعها، وكذلك الحال مع الأراضي، فإما أن يبني عليها البيوت ويؤجرها أو أنه يبيعها. وقبل دخوله تجارة الأقمشة دخل في تجارة العطور وكان موقع محله في جبلة بالقرب من بيوت الدويسان وصالح العثمان والمخيزيم وعثمان الراشد في الطريق المؤدي للسوق، كما دخل أيضاً في تجارة المواد الغذائية وكان شريكه فيها التاجر محمد علي الدخّان، و في مجال تجارة العملات مع عبدالله عيدان الصرّاف. ويَرِد في بعض وثائق البيع الخاصة بشملان البحر في المجال العقاري اسمي محمد الدخّان وعبدالله الصرّاف كلٌ على حدة شريكاً لشملان البحر في بعض الأراضي والبيوت التي اشتراها. ورغم دخول شملان البحر مجالات متنوعة من الأنشطة التجارية إلا أن مجاليه الرئيسيين كانا تجارة الأقمشة و الاستثمار بشراء الأراضي والعقارات، وهما المجالان اللذان استمر فيهما إلى وقت وفاته رحمه الله. وظل دكان الأقمشة لشملان البحر في السوق الأبيض حتى نهاية عام 1966م (1386هـ) حين قامت دائرة أملاك الدولة بتثمين محله مع باقي محلات السوق، فقام بشراء محله الجديد في بلوكات سوق الأقمشة، وكان في آخر أيامه يعتزم الإنتقال إليه لكن وافته المنية في تلك الفترة.

توفي رحمه الله في يوم الأربعاء 22 من فبراير1967م (الموافق 12 من ذي القعدة 1386هـ) في العاصمة البريطانية لندن، حيث خضع لعملية جراحية في أحد مستشفياتها نتيجة مرض القلب الذي كان يعاني منه، ولم يكتب الله لها النجاح، ونُقِلَ جثمانه إلى الكويت ودُفِنَ  فيها رحمه الله

كان شملان البحر من أهالي منطقة القبلة في مدينة الكويت حيث وُلِدَ وعاش في فريج السبت، كما سكن لفترة في فريج اظبية (أو كما يسميه البعض فريج الشاوي أو شاوي اظبية) حيث كان بيته في امتداد هذا الفريج وكان موقعه أيضاً قريباً من فريج الساير المجاور لفريج اظبية. وبعد تثمين الحكومة لأراضي مدينة الكويت اشترى أراضي في النقرة بنى فيها بيوت وسكن في أحدها، وأخيراً انتقل إلى منطقة الفيحاء واشترى بيوتاً متجاورة في قطعة 9 سكن فيها وزوجاته وأولاده حتى وافته المنية. و في أوائل السبعينيات انتقل أولاده من منطقة الفيحاء إلى منطقتي الروضة والنزهة.